سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات الاديبة مريم مشتاوي

22/06/2017 - 06:57:31 pm
رحلة بدر الدين الغزي إلى إسطنبول/لندن: مريم مشتاوي

رحلة بدر الدين الغزي إلى إسطنبول

نسخة وحيدة موجودة في المتحف البريطاني

مسجد السلطان سليمان القانوني في إسطنبول

 

صدر عن غرفة تجارة إسطنبول كتاب بعنوان «رحلة بدر الدين الغزي إلى إسطنبول»٬ تحقيق الدكتور عبد الرحيم أبو حسين أستاذ التاريخ العثماني في الجامعة

الأميركية في بيروت وطارق أبو حسين الطالب في برنامج الدكتوراه في مركز الدراسات الشرق أوسطية في جامعة هارفارد.

وقد اهت ّمت المقّدمة التي كتبها إبراهيم جاغلار رئيس هيئة الإدارة في غرفة تجارة إسطنبول بالإضاءة على أهمية تحقيق عمل من هذا النوع.

قام الباحثان بتحقيق ودراسة رحلة بدر الدين الغزي بعنوان «المطالع البدرية في المنازل الرومية» من خلال مخطوطتين.. المخطوطة الأولى كاملة محفوظة في مكتبة

كوبريلي في إسطنبول٬ أما الثانية فهي غير مكتملة وموجودة في المتحف البريطاني في العاصمة البريطانية لندن.

وقد أكد المحققان أن «الغزي لم يذهب إلى إسطنبول لأسباب استطلاعية أو استكشافية فحسب٬ فتأليفه للمطالع البدرية يدل على نوع من الاهتمام بعالم الأورام وما

تضمنه من عناصر اجتماعية ودينية وثقافية متعددة».

تلقي هذه الدراسة الضوء على محاور متعددة منها تاريخ العلاقات التركية العربية والقيمة الأدبية للرحلة المدونة بالسجع بالإضافة إلى الكتابة النثرية الرائعة ووصف

الأماكن والطبيعة. فعلى سبيل المثال وليس الحصر قال في وصفه للأماكن:

«ومدينة حماه هذه من أحسن بلاد الشام وألطفها وأملحها وأظرفها وأنزهها وأترفها. وبها قلعة شامخة باذخة٬ حصينة مانعة واسعة مكينة٬ مليحة الأبراج والأبواب٬ لكنها

:

أبادتها يد الخراب». وأظهر إعجابه بمدينة حلب قائلاً

«وحلب مدينة عظيمة٬ كبيرة قديمة٬ صحيحة الهواء خفيفة الماء٬ واسعة الفناء٬ حسنة البناء٬ عظيمة المآثر والمعاهد٬ كثيرة الجوامع والمعاهد».

كما جاء في وصفه للطبيعة:

«قد بسط الربيع بسطا سندسية ومطارف عبقرية٬ ترتاح لرؤيتها الأرواح وترتع النفوس منها في مراتع الارتياح».

ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الدراسة تعطينا معلومات وفيرة عن العلماء والأعيان الذين قابلهم بدر الدين الغزي في رحلته هذه٬ أمثال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد

شمس الدين الخناجري الشافعي وغيره.

 من حيث مكانتهم في المجتمع آنذاك

 دقيقً

فلم تنحصر رحلته على وصف الأماكن والطبيعة بل تطرق بدر الدين الغزي إلى وصف الأشخاص الذين كان يلتقي بهم وصفً

وشكلهم الخارجي وأخلاقهم.

 مكانته:

فقال عن لقائه بالإمام ملا خجا جلبي عبد الرحيم بن علي بن المؤيد واصفً

«هو صدر من صدور أئمة الدين وكبير من كبراء الأولياء المهتدين٬ وقدوة في أفراد العلماء الزاهدين. حامل لواء المعارف ومحرز التالد منها والطارف٬ محافظ على

الكتاب والسنة٬ قائم بأداء الفرض والسنة».

وفي شكله الخارجي قال:

«ضعيف البنية قديم السن عسر المشية».

:

أما عن أخلاقه فحدثنا قائلاً

 يدع شيئا من أنواع الكرم وأصناف الاحترام وأجناس التلطف في

«قابلني بالرحب والترحيب وعانقني معانقة الحبيب الحبيب٬ بالغ في الثناء وابتهل في الدعاء. َولَ

الكلام. فلم أر أحسن من لقائه٬ ولا أزين من ولائه٬ ولا أجلى من محادثته٬ ولا أحلى من منافثته».

رحلة مشحونة بالمشاعر الصادقة. فكانت دموع الغزي تنهمر من فرط شوقه لأهله وأصحابه.. شعور شبهه بـ«الشامة البيضاء في الثور الأسود».

ويوضح لنا الكاتبان أن الغزي كان شديد التعلق ببلاده لدرجة أنه كان ينظر إلى العالم الخارجي بمنظور شامي.

كما تحمل لنا هذه الرحلة صورة واضحة وغنية عن التبادل الفكري والثقافي بين علماء تلك الحقبة الزمنية.

إنها دراسة تساعدنا على التنقل على الجسور المعرفّية الممتدة بين العرب والأتراك. وقد استطاع الكاتبان أن يعكسا لنا بدقة «الفتح الثقافي» الذي قام به بدر الدين الغزي

بعد عقد ونصف من الفتح العسكري العثماني الذي قام به السلطان سليمان الأول. ويمكننا القول من خلال طريقة سرد الأخبار إن الغزي كان يسجل بشكل تلقائي كل ما

يروي لنا بالتفصيل الممل حادثة السرقة التي تعرض لها وجماعته خلال الرحلة ويقول فيها:

يحدث معه حتى صغائر الأمور. مثلاً

«وإذ باثنين من السراق يظن أنهما من الرفاق. فوقف المملوك يظن أنهما من الرفاق. فوقف المملوك الماشي أمامي وحار وخاف منهما وجبن وخار..».

وقد أوضح المحققان من خلال دراستها لهذه الرحلة الصراع الداخلي الذي كان يعيشه بدر الدين الغزي في نظرته لمدينة إسطنبول. فهو من جهة كان يعتبرها «دار

الطمأنينة» و«أم المدائن» وعاصمة لدار الإسلام٬ ومن جهة أخرى كانت تمثل قاعدة للأروام وتختلف كل الاختلاف عن هويته الجغرافية الثقافية.

ورغم صعوبة الفصل بين ما هو أدبي وما هو تاريخي٬ فإنهما في تعاملهما مع هذا النص غلبا الاعتبارات التاريخية على تلك الأدبية.

ولا يجد القارئ هنا أي تقصير من ناحية إبراز الجماليات الأدبية للنص٬ بل على العكس٬ جاءت الدراسة غنية بمنحييها الأدبي والتاريخي. ومن أجمل الأبيات الممزوجة

بالصدق والألم٬ قول بدر الدين الغزي:

لم أنس يوم الفراق المر حين َدنا والقلب باك وطرف العين منبهت

أمامي ثم يلتفت

ونور عيني المفّدى أحمد ولدي يمشي قليلاً

يمكننا القول إن هذه دراسة قيمة مضافة لمكتباتنا العربية وستسهل طريق البحث أمام الباحثين والطلاب المهتمين بتلك الحقبة التاريخية.


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
إلى أبي... هناك في السماء إلى أبي... هناك في السماء أنا الابنة الوحيدة لثيو الياس مشتاوي.. أنا الابنة الوحيدة لثيو الياس مشتاوي.. لماذا نكتب 10 أدباء يتحدثون عن صراع الأرواح لماذا نكتب 10 أدباء يتحدثون عن صراع الأرواح النقد البنّاء / مريم مشتاوي النقد البنّاء / مريم مشتاوي الرجل الأبيض الرجل الأبيض
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com