سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات نقدية عن ادب مريم مشتاوي

24/10/2017 - 03:38:44 pm
دراما المهاجرين السوريين /نديم الوزه

 

عن كتاب جديد يوقعني في غرام سحره

ويحملني بعيدا عن كوكب الخذلان.

 

دراما المهاجرين السوريين في رواية لبنانية

تجري أحداثها بين الأرض والسماء

 

تعكس المؤلفة مريم مشتاوي٬ في روايتها «ياقوت»٬ مقدا ًرا واف ًرا من المخاتلة السردية٬ كاحتيال فنّي بالمعنى التغريبي يكفي لتبديد الصدمة الإبداعية المتوقعة للتشويق

التقليدي٬ وإعادة إحيائها عبر الاسترجاع الواعي لما تّم قراءته٬ بما جعلني أكابد حقيقة في إنهاء الفصل الأول «ضياع» لآخذ عملها على محمل الجّد. وهذه المكابدة

ليست بسبب كسر نسق الزمن السردي للحكي٬ أو السرد من النهاية٬ كأن يستفيق «محمد» على الشاطئ ناجًيا من الموت٬ بينما يبدو حضور حبيبته «ياقوت» في عالم

السموات أشبه بفنتازيا أفلام الكارتون وحسب٬ بقدر ما كانت هذه المكابدة بسبب الافتراض التخّيلي لهذه الفنتازيا الكرتونية٬ حيث الموتى ينقسمون في السماء إلى نوعين

من الأرواح: أرواح حّية تساعد الملائكة بالاهتمام بشؤون البشر٬ كما هي حال «ياقوت»٬ وأرواح تخلد في نومها الأبدي٬ كما هو حال معظم الموتى٬ وكما سيؤول

مصير «ياقوت» في النهاية.

بكسر غموض هذا القدر٬ وجعله

لكن التفكير في ذلك٬ وبما يعنيه من حضور القدر في المسرح الإغريقي٬ يجعل كتابة مريم مشتاوي متعالية وذات رؤية احترافية: أولاً

متداولاً من المتخّيل الديني المسيحي. وثانًيا حين تحّوله إلى مشارك في الفعل الدرامي٬ وليس حاس ًما فيه. ولذلك ربما لا يصّدق القارئ أ ّن «سما»٬ الطفلة ذات الخمس

سنوات٬ قد تحّولت إلى ملاك في السماء تضحك وتلعب بعد أن باركتها السيدة «مريم العذراء»٬ ومحت ذاكرتها. لكنّه سيتساءل إن كان هذا كافًيا لعقاب «خمسة دواعش

اغتصبوها بوحشية وهي لم تتجاوز الخمس سنوات.. ولم يتوقفوا عن اغتصابها حتى بعد يومين من موتها»! وهل سيطمئن هذا القارئ في الفصل الثاني من الرواية

ا على شاطئ البحر بعد أن وصلت روحه إلى سماء الملائكة٬ ليعيش برفقة

ً

على مصير الطفل «آلان الكردي» الشهير بسرواله الأزرق وقميصه الأحمر٬ الذي وجد ميتً

«سما»؟

من جهتي٬ بوصفي ناقًدا٬ لا أعتقد ذلك. بل إ ّن الروائية تش ّكك في مقدرة هذا النمط من التفكير على حماية أطفال سوريا٬ من خلال المهمة التي أوكلها رئيس الملائكة

«ميخائيل» للملاك «ياقوت»٬ وتتضمن أن تراقب٬ من بوابة الجنة الرئيسية٬ مراك َب البحر المتوجهة من تركيا إلى اليونان لتنشل الأطفال من المراكب التي تغرق قبل

ٍن٬ حصل في الفصل الخامس من الرواية أن «استطاعت أن تنقذ مركًبا من هجوم سمكة قرش٬ وأن تساعد

وصول سمك القرش إليهم٬ إذ بينما تقوم بهذه المهمة بهمة وتفا

آخر يموت متجمًدا في الوقت ذاته٬ وعلى المركب ذاتها٬ من غير أن تستطيع إنقاذه٬ فتطلب من الله

أ ًما على ولادة طفلها على هذا المركب»٬ لكن راعها أن ترى طفلاً

ضارعة٬ مصلية٬ أن يعفيها من مهمتها لتكون من الملائكة النيام٬ فيستجيب لصلاتها فو ًرا.

إقامة الفعل ­ حتى لو كان غائ ًما في السماء ­ على التساؤل هو ما يجعل بعده الدرامي أكثر جاذبية للعقل والتفكير منه لسلبية العاطفة ومشاعرها٬ لولا أ ّن هذه الجاذبية

سوف تأخذ مسا ًرا آخر في رصد شخصيات الرواية ومصائرها من خلال التشويق الواقعي في سرد أفعالها عبر التقسيم الدرامي لها. ذلك أ ّن ما جعل «ياقوت» ذات

حظوة لدى الملائكة في السماء٬ ومشاركة لهم في مهماتهم في الفصل الأول٬ سوف تشرحه الفصول اللاحقة من خلال أفعالها الإيجابية على الأرض؛ إن كان في

تجاوزها للإثنية الدينية والوطنية٬ وارتقائها بروابطها الإنسانية مع حبيبها «محمد»٬ أو في محاولة إنقاذها له من المعاناة التي يعيشها في وطنه سوريا. لك ّن الإيجابية

عامة سوف تبهت في أفعال شخصيات هذه الرواية طرًدا مع ابتعادهم عن مستقرها الأرضي٬ وتحديًدا أرض الوطن٬ بما يطرح سؤال الهجرة وجدواه عليها جميًعا.

بهذا المعنى سوف تتحّول دلالة البحر الألسنية في الفصل الثاني «الشاطئ الأزرق» من الإيجاب إلى السلب بسبب أفعال شخصياتها. فالبحر الذي أبرز مفاتن «ياقوت»

من دفع «ياقوت» عنه كي لا يغرق معها

وألقها ليعشقها «محمد» هو ذاته سيكون مكان غرق «ياقوت» بسبب الهجرة غير الشرعية٬ لتبدأ سلبية «محمد» بالتفاقم٬ بدايةً

إلى الشارع الأحمر في أمستردام٬ حيث أخفق في إقناع «ميراي» بالعدول عن عملها

في البحر٬ مرو ًرا بعجزه عن ح ّب الممرضة «منال» على شاطئ اليونان٬ وصولاً

في الدعارة في الفصل الثامن بعد فشلها في علاقة حب في دمشق٬ بما دفعها إلى الهجرة بدل أن تواجه واقعها٬ وتحاول تخطيه في الفصل السادس.

غير أن تشظي السرد وإرجاءه من فصل إلى آخر بقي ممسو ًكا من خلال شبكة العلاقات التي أقامتها الروائية بين شخصياتها٬ لا سيما من خلال علاقة «ياقوت» بهذه

الشخصيات كلها٬ بما جعلها تستحوذ على عنوان الرواية٬ على الرغم من موتها المبكر فيها. فمن خلال علاقتها بصديقتها «ليلى» ستب ّرر حضور شخصية «ميراي».

ومن خلال علاقتها بحبيبها «محمد» ستب ّرر حضور شخصية «منال» والعائلة الكردية. ومن خلال علاقتها في السماء بشخصية «آلان الكردي» سوف تب ّرر حضور

شخصية أبيه «عبد الله»٬ إضافة إلى أّم «ياقوت»٬ شخصية «هناء»٬ التي ستلقى مصيرها البائس في نهاية الرواية.

هذا الحضور المتميز للفعل الدرامي لا يب ّرر السرد العرضي للشخصيات٬ بالاقتصار على سرد رحلتها الشاقّة من سوريا إلى أوروبا عبر تركيا٬ وما سيعانونه من ت ّجار

الهجرة ومشقّة الطريق والغرق في البحر وسوء المعاملة في بعض الدول الأوروبية٬ ورقيها الإنساني في بعضها الآخر فقط٬ بل سيعمل على تنّوع هذا السرد وأشكاله:

الرسالة٬ والقصيدة٬ والأغنية.. إضافة إلى ما يمكن أن يتضمنه السرد النثري من تأملات ومحاكمات وجودية واجتماعية تنسجم والرؤية الإنسانية لاستراتيجية خطاب

الرواية إجمالاً

لطالما تحّدث النقاد كثي ًرا عن المسرح داخل المسرح في مسرحية «هاملت» لوليم شكسبير٬ فإ ّن الحديث عن المسرح داخل الرواية يبدو ضرورًيا هنا٬ فهو ينسجم والبناء

الدرامي للرواية٬ ويكاد يكون الفعل الإيجابي الوحيد المقنع بعد هجرة شخصياتها واستقرارهم في بلدان المهجر. ذلك أ ّن «عبد الله»٬ والد «آلان»٬ بعد استقراره في مدينة

مونتریال الكندية سيعمل على جمع الجوارب من المهملات ليصنع منها دمى للعرائس٬ بمساعدة جارته الكندية «جوان»٬ ليتجّول وإياها في شوارع المدينة بمسرحهم

الصغير مرّددين الأغاني باللغتين العربية والإنجليزية لجمع المال لأطفال المهجرين٬ بما يش ّكل نموذ ًجا للثقافة الكونية المرجوة


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
التداعيات الحزينة واستدعاء الماضي في رواية «هاتف الرياح» التداعيات الحزينة واستدعاء الماضي في رواية «هاتف الرياح» هاتف الرياح وأنفاس الشجن  / أمير تاج السر هاتف الرياح وأنفاس الشجن / أمير تاج السر مريم مشتاوي ضد «وباء» حب الامتلاك /غادة السمان مريم مشتاوي ضد «وباء» حب الامتلاك /غادة السمان رسالة شعرية من مريم مشتاوي رسالة شعرية من مريم مشتاوي مصائر الاغتراب في رواية جسور الحبّ لمريم مشتاوي/  مولود... مصائر الاغتراب في رواية جسور الحبّ لمريم مشتاوي/  مولود...
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com