لفتني ما كتبته الروائية اللبنانية مريم مشتاوي. تذكر مريم أنها قبل زمن كورونا والإغلاق ذهبت وصديقة للعشاء في مطعم لندني، وحين دخلت إلى الحمام لغسل يديها قبل الطعام لمحت على المغسلة خاتماً من الماس والذهب الأبيض، وتقول بصدق إنها احتارت هل تسلمه لمدير المطعم أم تحتفظ به. وحسناً فعلتْ حين لم تحتفظ به لأنها ليست مصابة بوباء حب الامتلاك، وحرصت على عودة الخاتم الماسي الثمين إلى صاحبته. وهذا موقف نبيل منها يدل على أن بعض الناس ليسوا مصابين بوباء حب الامتلاك بأي ثمن.
وفي موقف مشابه كنتُ مع إحدى صديقاتي نتناول العشاء في مطعم في شارع الشانزيليزيه الباريسي قبل مرحلة الإغلاق التام بسبب وباء كورونا. وجدتْ صديقتي على طرف المغسلة خاتماً من الزمرد نسيته سيدة غسلت يديها. قالت لي: إذا لم آخذه أنا ستأخذه من تأتي من بعدي. غلبها وباء «حب التملك» على الأمانة. قلت لها دون أن أكذب: لم يعد بوسعك ذلك. توجد كاميرا تلتقط شريطاً لكل من يدخل إلى الحمام وما يدور فيه.. ولم يعد بوسعك التمتع بوباء حب التملك! فاتركي الخاتم في مكانه!
كأن الكاميرا اللقاح الأول لوباء حب امتلاك ما ليس من حقنا.
لقد وجدَ عصرنا اللقاح ضد الكورونا ولكنه لم يجد بعد لقاحاً ضد الحب، ولا أعتقد أنه سيجده، ولا لقاحاً ضد «حب الامتلاك». ويظل الحب وباء لا شفاء منه في العصور كلها على ما يبدو.. ربما لأننا نريد في أعماقنا أن نمرض به… من يرفض المرض بلحظة حب؟