سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات الاديبة مريم مشتاوي الاسبوعية بالقدس العربي

30/08/2022 - 10:10:35 pm
طالب عراقي يقطع رأس حمامة بيده وجد سوري يربط حفيدته الصغيرة في قفص خارج البيت!
مريم مشتاوي /القدس العربي

طالب عراقي يقطع رأس حمامة بيده وجد سوري يربط حفيدته الصغيرة في قفص خارج البيت!

 

انتشر مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو، أقل ما يقال عنه، إنه صادم لطالب عراقي في كلية المستقبل في مدينة بابل وسط البلاد.

لقد قام ذلك الطالب بدم بارد وبكثير من الوحشية بقطع رأس حمامة بيده أمام زملائه داخل حرم الجامعة وتحديدا في حديقة الكلية.

يظهر في الفيديو وهو يردد «خطية الحمامة تتعذب» ثم يمسك الحمامة بيده ويشدها بكل عنف من رأسها، وهو يضحك، حتى يفصل رأسها عن جسدها. يلقيها على الأرض ويكمل طريقه غير مكترث بتلك الصغيرة المذبوحة.

لا يمكن لإنسان طبيعي يتمتع ولو بقدر قليل من الرحمة أن يحتمل المنظر.

لكن لماذا أراد تعذيب حمامة؟ ما الذي يضحكه تحديداً في آلامها؟ لماذا يستقوي على كائن ضعيف، قد أبدع الله في خلقه، يُعرف بكونه رمزاً للسلام والحب؟

لقد قامت الجامعة، مشكورة، بفصله نهائياً، وجاء في بيانها: «تم توجيه عقوبة الفصل النهائي من الكلية للعام الدراسي 2021-2022 للطالب علي في قسم المحاسبة المرحلة الثانية استناداً لتعليمات انضباط الطلبة وبسبب تعنيفه وانتهاكه لحقوق الحيوان وقيامه بفعل مناف للأخلاق والآداب العامة.

أما الطالب فقد ظهر في فيديو يعتذر عما قام به. وقد جاء عذره أقبح من ذنبه: «يقولون إن الاعتذار من شيم الرجال، لذلك أقدم اعتذاري وتأسفي على موضوع الحمامة، حقيقة صار سهوة. كنت أعتقد أن ذلك التصرف سيكون رحيماً لها، لأنها كانت تعبانة ومريضة إلى درجة منتهية.»

من أين له كل هذا الجبروت حتى يلصق الرحمة بفعله المريض؟ ومن أين أتته كل هذه الجرأة ليربط فعله المقزز بالرجولة؟

تلك الجرأة تحتاج لفائض من الثقة لا نجده عادة إلا في جعبة الأغبياء أو فائض من الجهل كي تقدم على تسمية المعنى بنقيضه.

الرجولة تعني الشجاعة والقوة والحنكة. إلا إذا كان ذلك الطالب الطائش يرى القوة في التحكم برقبة كائن صغير وضعيف وشجاعة في قتل روح لا تحمل إلا الجمال والمحبة. إن كانت الحمامة مريضة فمن يحدد مرضها، فقط الطبيب البيطري المختص. وإن كان لا شفاء لها قد ينهي الطبيب المختص حياتها بطريقة رحيمة، لا تشبه لا من قريب ولا من بعيد الطريقة المتوحشة التي اعتمدها.

لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».

إن الرحمة والمحبة هما فقط يمهدان الطريق المؤدي للنور ولا شيء غيرهما.

 

العصفور بيكاسو

 

ذكرتني تلك القصة بعصفوري الصغير. كان من نوع البادجي. وكان يشبه نقطة الضوء. لذلك سميته بيكاسو، تيمناً بالرسام الإسباني بابلو بيكاسو. فذلك الطائر لون حياتي بريشه تماماً، كما لوّن بيكاسو الرسام أيام الكثيرين بلوحاته الخالدة.

أذكر أني استيقظت يوماً لأجده تعباً، يصارع أنفاسه.

اتصلت بالمركز المختص بعلاج الطيور، لكنه كان مقفلاً بسبب عطلة رسمية.

وسرعان ما تمكنت من الحصول على موعد في مركز لا يغلق أبوابه أبداً، لكن يبعد عن بيتي حوالي ساعة ونصف الساعة في السيارة.

كان الموعد عند الساعة الرابعة بعد الظهر، لكن حالة بيكاسو بدأت تتدهور بسرعة فقررت اصطحابه باكراً كحالة طارئة.

كنت أقود وأنا أفكر في الحياة والموت، في النور والظلمة، في المحبة وعمقها ووجعها.

ركنت السيارة أمام المركز. ودخلت وأنا أحمله بين يديّ. جاءت الطبيبة البيطرية وأخذته مني إلى غرفة العناية.

وعادت بعد حوالي ربع ساعة لتقول لي إنه لن يعيش طويلاً، سيموت خلال فترة علاجه. هكذا اقترحت أن تنهي حياته كي تحد من آلامه.

كنت أنظر إليها وأنا أصارع حالة من الضياع .

كيف تنطفئ نقطة ضوء؟

سألتها وأنا أحاول التماسك:

كيف ستنهي حياته؟ وهل الموت مؤلم؟

قالت لي بصوت محمّل بالثقة:

لن يشعر بالألم… سنضع له جرعة زائدة من البنج، سينام بسلام، لكنه سينام طويلاً.

كنت أعرف أن جوابها غير مقنع، فهي لم تجرّب الموت.

لكني أردت أن أصدقها، لأني لم أكن أملك خياراً آخر.

وقعت على ورقة طويلة، فيها اسمه وعمره الصغير: سنتان وثلاثة أشهر وأربعة أيام، وتفاصيل أخرى.

أخذت مني الورقة وذهبت لإحضاره كي أودعه،

قبلته على رأسه، وعدت إلى السيارة وأنا أشعر بالفقد. وأحاول استعادة كل ذكرياتنا معاً كي أبقيه معي ولو قليلا.

بيكاسو، نقطة الضوء الصغيرة، لم يمت، هو نائم، كالحب لا يموت.

 

الجد المتوحش

 

ومن ذبح حمامة، إلى ربط طفلة يتيمة مصابة برجلها داخل قفص صغير في العراء.

فما هي القصة؟!

بدأت الحكاية حين فقدت طفلة رضيعة كل عائلتها جراء القصف الممنهج على حلب. لم يبق لها أحد في الدنيا سوى جدها وزوجته.

لكنه جد من نوع آخر. لا رحمة في قلبه ولا شفقة. وكل الأمثال العربية التي تتغنّى بمحبة الأجداد لأحفادهم لا علاقة لها بهذا «الصنف النادر»!

صنف: الدم الذي يجري فيه «ما يحن». وولد الولد ليس بعزيز. والمنزل المليء بالأحفاد ليس بمنزل مليء بالحب.

إنه جد متوحش حبس حفيدته في قفص حجري ضيق لا يليق بكلب صغير. تنام على الأرض من دون طعام ولا شراب في عز البرد والحر. اكتشف الجيران تلك الجريمة واشتكوا إلى السلطات المحلية عن سوء معاملة الجد وزوجته للطفلة الصغيرة. حين أخرجت الطفلة من القفص بدت نحيلة مقرحة اليدين لا تقوى على الحراك أو النطق ونقلت فوراً إلى المستشفى.

ما هذا النوع الغريب من البشر وإلى أي صنف ينتمون؟ نحتاج مئات السنوات الضوئية لنخرج إلى النور.

 

كاتبة لبنانيّة


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
«أسطورة الرياض» في مواجهة «زعران» السوشال ميديا… من يعاقب... «أسطورة الرياض» في مواجهة «زعران» السوشال ميديا… من يعاقب... طفلة سورية تصمم من أكياس النفايات فساتين جميلة… وأخرى... طفلة سورية تصمم من أكياس النفايات فساتين جميلة… وأخرى... في لبنان: البؤس برعاية رسميّة … ورياضيّ جزائريّ يدفع... في لبنان: البؤس برعاية رسميّة … ورياضيّ جزائريّ يدفع... مصر: أحكام تمييزية ضد فتيات «تيك توك»… ولاجئ سوري يدعو... مصر: أحكام تمييزية ضد فتيات «تيك توك»… ولاجئ سوري يدعو... طرابلس تدفن أطفالها ونساءها وشيوخها والسياسيون قلقون... طرابلس تدفن أطفالها ونساءها وشيوخها والسياسيون قلقون...
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com