سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






ادبية

09/08/2017 - 11:29:44 am
الشاعرة مريم مشتاوي موشومة بالحب
  تونس- الاخبارية – ثقافة وفنون حوار/ لطفي الحدوسي/تونس

بين لذة الأمل وحرقة الألم…

الشاعرة مريم مشتاوي موشومة بالحب

 

 

كان لنا لقاء شيق مع الشاعرة اللبنانية المقيمة في لندن مريم مشتاوي ..كانت تحضن الحاضر بكلتا راحتيها أملا متجدداً لتكون قوية ..حين يستحضرها الماضي -أيقونة حُزن موشومة بالفقدان ..فقدان ابنها الصغير “أنطوني” الذي خطفه الموت بعمر الخمس سنوات بعد صراع مع مرض السرطان هذا الطفل الدائم لعمره الخمس سنوات في قلب مريم أيقونة.. وهي التي ولدت في زمن الحرب في لبنان وتناولت الحياة فُرص قدر أن تكون ..كانت تخرج من بيتها كل يوم حرب تودع أهلها وكأنها لن تعود، لكنها كانت تعود وتصافح الحياة بفرح البقاء ..وفي إحدى لقاءاتها تصرّح مريم بأنها ذات يوم حدث انفجار في البناية التي تعيش فيها ومن المُتَّبع أن ينزل سكان البناية للطابق السفلي، لكن القذيفة كانت في الطابق السفلي ..أدخلتها لحيرة من بقي معي وأنا وحدي “إن ذهبوا للموت سأكون وحدي أيضاً وحدي وأنا الآن وحدي .. ولِحظّها والقدر تتناول هبة الحياة وأهلها مرة أخرى.

عاشت ضيفتنا قصصا واقعية من الغربة والحرب والحب ..صنعت منها امرأة فولاذية ذات وجه من ستان ..غاية الجمال روحاً وحضوراً ..لا تسمح لطبقات الحزن التراكم في وجهها البريء ..تمنح القصيدة كل حزنها واغترابها وتخرج منها لنهار جديد …آليات النهار لديها طبيعية وتجميلية ..ابتسامة وأحمر شفاه وتسريحة غد أفضل …

هي رسالة أنثى عاطفية، وفي منتهى الموضوعية،،تتصل بالحزن القيصري رحماً وتتابع ولاداتها الطبيعية ،،تبدو فراشة أثيرية فواحة،،وتصنع من الألم قوة وله وجه من ساتان،،ناعمة ترافق الطبيعة رفق الطفلة الراشدة وذهاء الأنثى مريم

لكل الطقوس ،،لها طابع الشرقية المعاصرة،،تُجيد اللغات عيشاً وكتابة،،تفاجئ القارئ بفضائها الشاسع وثبوتها على أرض الواقع أقداماً ثابتة ..

استطاعت مريم أن تصهر الحزن لقوالب فرح ..تزور الأطفال المصابين بالسرطان وتمنحهم فرح اللقاء بالحياة الدنيوية والتفاؤل بالأبدية وترى من خلالهم طفلها الذي شاءت الاقدار ان تبعده عنها والى الابد …وكان أصهارها الأكبر للحزن هو إقامتها صالون ثقافي في لندن …يجتمع المثقفون العرب والأجانب وتحيي أمسيات ثقافية ويذهب ريع الأمسيات لمرضى السرطان ..هذه المرأة الجميلة لا تقل جودة وعطاءً عن “أنجيلنا جولي” ..

جديرة بالاحترام والثناء لانجازاتها كأنثى شرقية شديدة الدفء تسكن في لندن الباردة. لمريم سيرة أجوبة دون علامات استفهام ،،شفافة الإقليم،،رغم كل المؤثرات الحياتية في الغربة،،تسكنها الأوطان،،ألماً وأمة.

واليكم فحوى الحديث الذي جرى بيننا وبين الشاعرة الانيقة والرقيقة مريم شيتاوي:

* اين الفارق بين الام والشاعرة؟

لا فارق … فأنا لا أتجزأ حين أمارس أمومتي… وأيضاً أكون أماً حين أكتب.. وقد أعيش وجع الأمهات الأخريات في وطننا العربي … وأشعر بآلام في رحمي حين أعكس وجعهن في قصائدي…

*تشبهين قصيدتك شفافية وتختلفين عنها ملامحاً؟

-القصيدة تنبع من العمق فتولد صادقة كما يولد الطفل صغير عارية تماماً من أي تزويق أو مساحيق تجميل… أما شكلنا الخارجي فيمكننا التحكم به تلوينه تزينه تشكيله كما قد نشاء أو كما قد يشاء الآخرون…

هل الحزن هبة تساوي الفقدان ؟ بموازة تجربتك التي مررت بها عنوة؟

حزن الكاتب مولود فيه ومعه لا يفارقه حتى في الفرح.. وكأن في هذا الحزن الإيجابي وليس السلبي المختلط بالعمق وبالتأمل نافذة يطل منها الكاتب على الآخرين وعلى العالم لسبر أعماق الشقاء الإنساني من أجل التغيير نحو الأحسن.

*كيف تخدمك المادة في حيز الروحانيات؟

المبدع دائماً يتجه نحو الروحانية … فالكلمة هي أعلى مراتب التوحد مع العالم.. وهنا أذكر قول أفلاطون كلّما رأيت شيئاً جميلاً أتذكر الخالق… وكأننا نرتفع بالمادة أو الماديات إلى ما وراءها من قداسة روحية.. وهذا لا يعني أن الانسان يقفز فوق الماديات لأن هذه العملية غير ممكنة.. فالماديات أساس حياتنا ولكن المبدع ينبغي أن يرتفع بها إلى مستوى جمالي وروحي… وهنا أيضاً يأتيني ريلكه على غفلة في قوله الشهير علينا أن نتأمل صغائر الأمور كي ندرك معنى الحب…

*انت مزيج تربية شرقية وغربية،،كيف تأصلت فيك اللغة عربية ؟

-كتبت مرة مقالاً نشر في جريدة القدس العربي عن تجربتي كشاعرة خارج مناخها الطبيعي .. وقصدت في هذا المقال أن أوضح أن اللغة هوية وأرضنا العربية لا تتركنا فهي متأصلة فينا..

وعند انتقالي إلى مكان غريب آخر لا يفهم فرحي أو بكائي أو وجداني ألجأ للغتي العربية ومحيطي الأول كوسيلة مقاومة روحية وفكرية..

*الغياب.. ماذا يعني لك ..وأي غياب يؤثر بك اكثر الغياب الابدي(الموت) ام غياب الحبيب في خضم الحياة؟

للموت شكلان مختلفان..

الأول موت جسدي وهذا مؤلم جداً وخاصة موت الأطفال ..لا موت يشبهه… ولا وجع أقوى منه …

ولكن أحباءنا الراحلين يبقون معنا … نتذكرهم يومياً وكأنهم انتقلوا فقط للعيش إلى مكان آخر بعيد… لا نراهم جسدياً ونشتاق إليهم ونتألم .. ولكن تواصلنا الروحي معهم يبقى…

وهناك موت آخر لا يقل وقعه عن الأول … وهو فراق من نحب روحياً رغم بقائه الجسدي … وهذا أيضاً مُنتهى الألم،

وقد يصعب علينا استيعابه.. فنفتح أحياناً نافذة الأحلام الليلية لنهرب منها … علها ترينا شيئاً آخر.. شيء يخدر الألم… ولو لبضع ساعات..وما أقسى أن نلتفت منها ليمسّينا الخذلان بسخريته القاتلة.

*ما هي المراحل التي مرت فيها قصيدتك؟

-المحور الأول كان مرحلة المراهقة.. في هذه المرحلة تمحورت القصيدة حول الأنا.. فاحتجزت القصيدة في دائرة الأنا الضيقة ولكن مع النمو الثقافي والنفسي والفكري والمرور بتجارب كثيرة سواء إيجابية أو سلبية كبر الأفق وتحررت القصيدة لتخرج إلى الدائرة الأوسع أو اللامتناهية وهي الكون. وهنا أتكلم عن المرحلة التي انتقلت فيها من مدينة بيروت إلى مدينة لندن..

هنا في لندن انتقلت القصيدة من المرحلة الأولى إلى الثانية فالثالثة.

المرحلة الثانية كانت رحيل أنطوني وهنا انتقلت القصيدة من الوجع الخاص إلى الوجع العام ..

أما المرحلة الثالثة فانعكست في ديواني الأخير ” حين تبكي مريم” كما أعتقد ..ففي هذه المرحلة يظهر تأثري بالثقافة الغربية وبكتاب وشعراء مثل ريلكه وأليوت وماروين وكتابات ألبرتو منغويل.. وكذلك تأثري بالرواية الغربية مثل رواية بير بيترسون ” لنخرج ونسرق الخيول” …

ولا يمكنني أن أغفل تأثري في هذه الفترة بالأحداث المريرة التي يمر بها الوطن العربي وخاصة سوريا والعراق ومعاناة الأطفال فكتبت قصائد مثل : “الخيمة الصغيرة” ، “ماذا يفعل الأطفال في السماء؟” ، ” حين تبكي مريم” ،قصيدة شآم أو مناجاة..

* من أنت خارج القصيدة ..من أنت خارج الجامعة “استاذة” من أنت خارج الرباط الأسري ..من أنت وحدك ..ومن أنت الأم أو كل ما ذكرت؟

وحيدة أكون الشاعرة … الشاعرة مريم هي العاشقة المجنونة التي سميتها في روايتي القادمة “عِشق” وهي الأم وهي الصديقة وقد تكون الأستاذة…

فمريم ليست مريم من دون الكلمة!

*أي القصائد الأشد شبها بك الأن؟

كل قصائدي … فأنا لا أفرق بين قصيدة وأخرى فكل قصيدة جزء من نفسي.. ولكني أحببت أن أسمي ديواني الأخير الذي صدر مؤخراً ” حين تبكي مريم ” وهو عنوان إحدى قصائدي لأنه يعكس حالي أولاً كأم وثانياً كإنسانة ومواطنة تنتمي لوطن ينزف…


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
حين يجتمع الفرح والألم ويُجسّدهُ الأدب.. مريم مشتاوي حين يجتمع الفرح والألم ويُجسّدهُ الأدب.. مريم مشتاوي هذا الكون مجهز للحب الذي يروي الروح هذا الكون مجهز للحب الذي يروي الروح مريم مشتاوي: تربتنا المسمومة تنتج الاٍرهاب مريم مشتاوي: تربتنا المسمومة تنتج الاٍرهاب الذات تتأرجح بين السؤال والغياب الذات تتأرجح بين السؤال والغياب الشعر أوسع من أي إطار ولا يمكن إحتجازه الشعر أوسع من أي إطار ولا يمكن إحتجازه
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com