سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات الاديبة مريم مشتاوي

22/06/2017 - 04:44:49 pm
لا أحد يضيع في بيروت/ لعناية جابر/بقلم مريم مشتاوي
قراءة نقدية

لا أحد يضيع في بيروت» لعناية جابر / فرط حب وألم.. واستياء

 

٬ أبرزها: بكتف مائلة وعرج خفيف٬ وأمام البيانو

 

صدر عن الحركة الثقافية في لبنان أخيرا كتاب «لا أحد يضيع في بيروت» لعناية جابر٬ الذي يجمع ستة وخمسين مقالاً

 

بقدمين حافيتين٬ وحيث كل كلمة هي حادثة قتل٬ ولا بد أن تكون بطولًيا لتفكر في عيد الميلاد٬ وتمارين على قصيدة صغيرة٬ وغيرها من المقالات التي تتفرد كل منها

 

بمناخها ومناسبتها٬ ولكن تجمع بينها جميعها عناية جابر٬ باعتبارها شخصية رئيسية تدور الأحداث والمشاهدات من خلالها.

 

كانت المؤلفة قد نشرت هذه المقالات في جرائد متف ّرقة٬ في فترات مختلفة من حياتها المهنّية.

 

وتبدو عناية جابر في هذه المقالات مثل دالية العنب٬ تلمز لل ُحصرم والحلو٬ وفي كلتا حالتيها تمنح القارئ ذائقة مختلفة. إنها تكتب من فرط حب وألم٬ وفرط استياء ولا

 

استواء في كتاباتها... مباشرة حد الوجع وعاطفية بوسع بيروت... نسمع الموسيقى حين نقرؤها٬ وفي الوقت نفسه تضعنا داخل قالب شاهق المدى٬ يهبط بسهولة دمعة.

 

تستفزنا أحيانا من شدة القسوة حتى نستدل لمواطن الآلم.. ونجدها أحيانا خفيفة الظل٬ وأحيانا أخرى ذات ثقل فيما تكتبه. ومع ذلك٬ يمكن تشخيص عناصر مشتركة تمّيز

 

أسلوب عناية جابر٬ وتجعلها لا تشبه سواها٬ ومن هذه العناصر: الصفات. فهي ماهرة في اختيار صفاتها.. وتبهرنا في انتقائها مفردات غير متوقعة٬ أو غير مألوفة٬

 

: أصل إلى عملي بإفراط. (صفحة 76 .(فاختيار كلمة «إفراط» هنا يشبع المعنى٬ فما من كلمة أفضل منها تصف بها وجودها الكثيف في المكان٬ كما أنها٬

 

كقولها مثلاً

 

في مكان آخر٬ تصف الصباح بقولها: أقلعت الشمس. فاختيار الفعل «أقلع» يعطي الصباح حيوية٬ ويوحي لنا ببداية يوم نشيط. ونجدها تصف الابتسامات بـ«الرخوة»٬

 

لتوحي لنا بأوجاع الناس٬ وبلادتهم٬ وحتى استسلامهم. وفي وصفها للكؤوس٬ تقول: كؤوس المياه المذهولة في بياضها (161 .(فقد اختارت ثلاث كلمات تحمل كل منها

 

شفافية مطلقة.. جمعت بين شفافية الكأس والمياه والبياض٬ وكأنها تعمدت بأسلوبها رفع المعنى إلى أقصى حدوده لتدهش القارئ٬ وتفتح عدة نوافذ لخياله٬ على الرغم من

 

صلادة الموضوع الذي تعالجه وقسوته.

 

وفي مكان آخر٬ تكتب «تهز برأسها٬ فيتقافز قرطاها كقردين صغيرين» (161(٬ أو تصف أستاذها في المدرسة بقولها: «نزع معطفه المبلل بالمطر٬ غير منتبه إلى

 

هيكلي الصغير٬ وقد تحول إلى قطرة كبيرة٬ أزرار معطفه التي فككها واحًدا واحًدا٬ ابتلعتها كلها كأقمار» (صفحة 210 .(ونلاحظ أي ًضا أنها تعتمد نف ًسا قصصًيا في

 

سردها للأحداث٬ فنجد بعض عناصر القصة متوفرة في معظم مقالاتها٬ مما يمكن إدراجها في خانة «مقالات ­ قصصية»٬ إن صح التعبير.

 

وثانًيا المعنى٬ فلا يسعنا أن نقرأ عناية جابر دون أن نشير إلى أبرز المواضيع التي تناولتها في كتابها٬ ومنها الوطن والآخر والحزن والوحدة. فالوطن حاضر أبًدا في

 

داخلها٬ تحمله معها خارج المستشفى إلى البلدان الأخرى.. تعشق زواريبه ومنارته.. ترتمي بحضنه الطري لتجد راحتها.. تتألم وتختنق لألمه.. فتتماهى به إلى أن

 

يتحدا. فبعد خروجها من المستشفى٬ راحت تربط بين ما حدث لجسدها وما يحدث للمدينة: «كنت أفكر في مرض المدينة العضال٬ مدركة الآن إمكانية أنها هي الأخرى

 

تنام غلط.. تتصرف غلط.. المدينة (ورمانة)٬ ولا أحد يعرف حتى اللحظة سبب تورمها» (ص55.(

 

أنني اصطحبت معي كل أصوات الانفجارات التي حدثت في بيروت». كما تتألم لوجع المدينة٬

 

أما في زيارتها للقاهرة٬ فقد اصطحبت معها هّم بيروت: «يبدو غريًبا قليلاً

 

٬ حب سنوات من العذوبة الخطيرة٬ أحبها بشدة لأنها تمثل كل ما أعرفه عن

 

والمنارة تحديًدا لأنها تمثل كل ما تعرفه عن نفسها: «قصفوا المنارة وأحبها حًبا مؤل ًما٬ مذلاً

 

نفسي» (167.(

 

أما الموضوع الآخر٬ الذي يحضر بقوة٬ فهو الحبيب أو الصديق (الصديقة)٬ الحاضران الغائبان.

 

يحضر الحبيب كذكرى من الماضي البعيد تما ًما٬ كأستاذها في المدرسة٬ أو تتخيله على المنارة٬ وتهرب منه٬ والأمر نفسه بالنسبة لصداقاتها. لكنها في أمكنة أخرى من

 

الكتاب٬ تشعرك أنها ليست بحاجة إلى الآخر٬ بل تفضل الانزواء: «ليست إلا واحدة من الصديقات الكثيرات اللواتي غادرتهن تبا ًعا٬ من اكتشافي المذهل أخيرا عدم

 

حاجتي إلى صديقات» (صفحة 36 .(ربما لذلك لم يكن لديها مشكلة في حب الأموات٬ والتعلق بهم. وقد يكون حبهم غير مرهق بالنسبة لها٬ فهي تستحضره متى شاءت

 

ا٬ فهل بحياة الله ما يمنع من حبه؟» (ص

 

من الذاكرة٬ وتعيده إليها لتقفل عليه حين تتعب٬ والأهم أنه لا يحمل ثقل الواقع وتحدياته ومخاوفه: «لمجرد كون إنسان ما ميتً

 

199 .(إن أكثر ما يلفتنا في كتابة عناية جابر الحزن المكثف الخانق٬ الذي يلازم الكاتبة بسبب الحروب٬ أو ذكريات الطفولة٬ أو الحبيب٬ أو الوحدة٬ أو الحنين إلى

 

الأماكن٬ أو رغبة الكاتبة نفسها بالحزن.. لا يهم السبب٬ ولكنها حملت حزنها برفق ومحبة لتخلق لنا حكايات تعيش داخل قرائها.


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
إلى أبي... هناك في السماء إلى أبي... هناك في السماء أنا الابنة الوحيدة لثيو الياس مشتاوي.. أنا الابنة الوحيدة لثيو الياس مشتاوي.. لماذا نكتب 10 أدباء يتحدثون عن صراع الأرواح لماذا نكتب 10 أدباء يتحدثون عن صراع الأرواح النقد البنّاء / مريم مشتاوي النقد البنّاء / مريم مشتاوي الرجل الأبيض الرجل الأبيض
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com