سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات الاديبة مريم مشتاوي

20/07/2017 - 05:54:24 pm
 ربطة حمراء رخيصة/ مريم مشتاوي/لبنانية مقيمة في لندن

 ربطة حمراء رخيصة/ مريم مشتاوي/لبنانية مقيمة في لندن

 

جلست على المقعد الأمامي من السيارة متعثرة بفستاني القصير أحاول إطالته وشده من الجوانب .. أمغطه من الجهة اليسرى فيقصر من اليمنى... كانت لعبة خاسرة .

 

لا جدوى من محاولة التحرر وراهبة الإرسالية الفرنسية تتربص لي في الذاكرة  ..فأرى عينيها تتسعان كالبومة من مرآة السيارة الأمامية الصغيرة حاملة مسطرة طويلة تهددني بعقاب  أمام شباب المدرسة إن لم أدخل الحمام بسرعة وأشق "زاف المريول" الكحلي فيغطي المسافة المتبقية بينه وبين الجوارب البيضاء. 

 

بدأ وجهي يحمر والعرق يتصبب من جبيني.. لمَ ارتديته وهو يسبب لي كل هذا الإحراج ؟

 

وفجأة تذكرت كلمات أبي :

 

حين ترتدين القصير لا تمضي اليوم وأنت تحاولين إطالته... ثقي بخياراتك حتى في أشيائك الصغيرة..

 

فأزحت يدي بهدوء عن تنورتي واغمضت عيني للحظات وأنا أبتسم ابتسامة مكر وتحد في وجه الراهبة ..أصفعها للمرة الأولى وأصرخ : أنا حرة حرة حرة..

 

 أقفز عن سُوَر المدرسة وأجري بعيداً... أنا حرة حرة حرة.

 

وفجأة أصحو على خربشات الراديو فكريم كان يحاول جاهداً أن يجد أغنية كلاسيكية هادئة يتجاهل بها اضطرابي.. لم أسأله عن وجهتنا وأنا أعرف ضمنياً أنه لقاؤنا الأخير...

 

أوقف السيارة قرب رصيف "الروشة". لم أتلفظ بكلمة واحدة... كنت أرتعش كطفلة مبللة. كم تمنيت أن يجفف خوفي ... وكم تمنيت أن يطول صمته وكأني أردت أن أسرق لحظات حب إضافية من أعماق البحر... بدأت دقات قلبي ترتفع وتهبط مع الأمواج ... في تلك اللحظات كانت أنفاسه عالية فتعلقت بها كأرجوحة حملتني فوق المياه.. ثم قطع حبليها بقوله:

 

لا أعرف كيف أبدأ ومن أين أبدأ..

 

قاطعته ووضعت يدي على فمه:

 

لا داعي ..

 

رفع يدي عن فمه بحنو وكأنه يصر على تسجيل حماقة ذكوريّة جديدة:

 

مريم أرجوك لا تقاطعيني، أعرف أني أحبك ولكن..

 

قاطعته من جديد وأغلقت فمه للمرة ثانية ولكن هذه المرة كنت أضغط عليه بقوة وكأني أتأكد من إحكام القفل جيداً كي لا يتمكن من فتحه من جديد..

 

ومن غير أن أتلفظ بكلمة واحدة فتحت باب السيارة بهدوء شديد وكأني كنت خائفة أن أوقظ ذكرياتي .. وقفت لحظة ووجهي مقابل لأفق البحر البعيد... فككت شعري الطويل الذي عقدته بربطة حمراء رخيصة، فبدأت خصلاته تصارع وتتمرد على هواء المدينة..

 

فتحت حقيبتي وأخرجت نظراتي السوداء ارتديتها بسرعة وسرت شامخة في الاتجاه المعاكس..

 

 

 

 


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
إلى أبي... هناك في السماء إلى أبي... هناك في السماء أنا الابنة الوحيدة لثيو الياس مشتاوي.. أنا الابنة الوحيدة لثيو الياس مشتاوي.. لماذا نكتب 10 أدباء يتحدثون عن صراع الأرواح لماذا نكتب 10 أدباء يتحدثون عن صراع الأرواح النقد البنّاء / مريم مشتاوي النقد البنّاء / مريم مشتاوي الرجل الأبيض الرجل الأبيض
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com